إن من المسلم به أن كل إنسان لا يمكنه أن يحقق نجاحاً تاماً في عمله ما لم تكن له الرغبة الكافية فيه ، لأن الرغبة عنصر حاسم في دفع المعلم إلى التتبع والدراسة ، بغية الوقوف على أحدث الأساليب التربوية من جهة ، والإخلاص في أداء الواجب من جهة أخرى . كما أن الاندفاع والرغبة تنعكسان بكل تأكيد على التلامذة الذين يتولى تربيتهم وتعليمهم ، فتدفعه لتحضير مادة الدرس ،ووسائل الإيضاح اللازمة ،ويتعب نفسه من أجل إيصال المادة لهم ، ويهتم بالواجبات البيتية والصفية ،وتصحيحها ،وبذلك ينشّط التلامذة ،ويجعلهم يقبلون على الدرس بجد واشتياق . ولو أننا أمعمنا النظر في جهاز التعليم بوضعه الحالي ،وكيف أقبل المعلمون على هذه المهنة ، وأجرينا إحصاءاً دقيقاً بصدد الذين جاءوا لهذه المهنة عن طريق الرغبة لهان لنا الأمر ،ولأدركنا أي خطر يهدد المدرسة ، ولأدركنا أسباب الفشل الحقيقية فيها وإن معظم الطلاب الذين سدت في وجوههم أبواب الكليات قد وجدوا أنفسهم أمام الأمر الواقع الذي اضطرهم إلى أللجوء إلى الدورات التربوية ، ومعاهد المعلمين ذات السنة الدراسية ، أو السنتين ودون رغبة منهم ، ليصبحوا بين عشية وضحاها معلمين تسلم لهم الرسالة وهم على مستوى من الضحالة لا تؤهلهم للقيام بها على الوجه الصحيح .
غير أنه لا يمكن أن يكون هذا الحكم شاملاً ، فثمة آلاف من أولئك المعلمين قد اكتسبوا كفاءة مدهشة ،واستخدموها في تعاملهم مع مهنتهم وتلاميذهم ،واستطاعوا بجدارة أن يكونوا نموذجا جيد لصانعي الأجيال . إن عدم الرغبة والعزوف عن هذه المهنة له بالطبع عوامل ومسببات لابدَّ لنا من دراستها ،والوقوف عليها ومعالجتها ،وإذ ذاك نستطيع تهيئة الآلاف المؤلفة من المثقفين الشباب الذين سيندفعون إلى الانخراط بهذه المهنة المقدسة . خاصة وان نسبة كبيرة جدا من المعلمين ألان لا يمتلكون المهارات والكفايات المهنية التي تؤهلهم لهذه المهنة0 وهنا علينا أن نحدد الإطار الفكري للمعلم الحديث وتتمثل بمايلي:-
- مهارات التعلم المستدامة وتتمثل بالتحصيل الدراسي بما لا يقل عن الإعدادية
- المعرفة العامة والثقافة الواسعة وهي انه يعرف شيء عن كل شيء0
- المجال المعرفي الواسع ويعني انه يعرف كل شيء عن شيء0
- التخصص الدقيق ويتمثل بالتفوق في جانب معين كأن يكون متفوقا في مجال
- ( الرياضة - الفنون – الرياضيات........... الخ )
- معرفة المبادئ التربوية
- تطبيق المبادئ التربوية
وهذه الأطر تؤكد أن المعلم عليه أن يوجد الظروف التعليمية المناسبة لتلاميذه ويركز على العقل والروح والتفكير بكل أنواعه ويثير حوافز التلامذة ليساعدهم في البحث عن الحقيقة والوصول إليها كي يكون المثال الأعلى لهم0 وفي عراقنا الجديد عراق ما بعد الدكتاتورية هنالك خلل كبير وواضح للعيان في العملية التربوية وهذا الخلل يتمثل بعودة آلاف المعلمين والمعلمات الى وظائفهم التي تركوها منذ سنوات طويلة وهذه العودة نستطيع أن نسميها (( عودة كارثية )) لأنها أعادت العملية التربوية في العراق الى الوراء عشرات السنين خاصة وان جل الذين عادوا سواء كانوا من الذكور أو الإناث هم بحاجة الى تطوير وتأهيل وتغيير للمفاهيم فهم ليسوا موظفي دوائر عادية بل هم معلمون عليهم اعداد جيل جديد .
وربما يقول البعض إن الغرض من اعادتهم هو غرض انساني بغية رفع المستوى المعاشي لهم ونحن لسنا ضد هذا وبما ان الغاية تحققت حتى هذه اللحظة وتم تعديل رواتبهم بالشكل السليم والصحيح فنقترح على وزارة التربية النظر بشكل جدي وبعيدا عن المحسوبية الى وضع هؤلاء الذين باتوا يشكلون عبء ليس على المدرسة فحسب بل حتى على التلميذ الذي يجد نفسه – أي التلميذ – أكثر تطورا منهم !!! أرجو أن لا تستغربوا من هذا .
ويمكن من جملة المقترحات احالتهم الى موظفين إداريين في المدارس كأن يكونوا أمناء مخزن أو أمناء مكتبة أو غيرها لا أن يعطوا جدول حصص لا يتعدى في أبعد حدوده درس النشيد الملغى أصلا.